اللسان أمانة،استودعه الله عندنا وأمرنا بأن نستعمله في الذكر وفي العلم وفي التعليم وفي النصيحة وما أشبه ذلك، ولا نستعمله في غيبة ونميمة ولا في هجاء ولا في عيب وقذف وهمز ولمز وما أشبه ذلك. وهكذا بقية الجوارح أمانات داخلة في قول الله تعالى: (والذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون) . إن المسلم الملتزم بدين الله ، والذي سار على صراط الله المستقيم ، سيجد دعاة الضلال والانحراف؛ وهم واقفون على جانبي الطريق، فإن أنصت لهم والتفت إليهم عاقوه عن السير، وفاته شيء كثير من الأعمال الصالحة. أما إذا لم يلتفت إليهم؛ بل وجه وجهته إلى الله فهنيئا له الوصول إلى صراط ربه المستقيم الذي لا اعوجاج فيه ولا انحراف يجوز أن يعلم القبر بعلامات يعرف بها، فقد ثبت أنه صلى الله عليه و سلم لما دفن عثمان بن مظعون جعل عند قبره حجرا وقال: "أعرف به قبر أخي، وأدفن إليه من مات من أهلي". فيجوز أن يجعل علامة كحجر أو لبنة أو خشبة أو حديدة أو نحو ذلك، ليميز بها القبر عن غيره حتى يزوره ويعرفه.أما أن يكتب عليه فلا يجوز؛ لأنه قد نهي أن يكتب على القبور حتى ولو اسمه، وكذلك نهي أن يرفع رفعا زائدا عن غيره. إن أهمية الوقت معلومة عند كل عاقل؛ ذلك أن وقت الإنسان هو رأسماله، وهو عمره أيامه ولياليه، فإذا ما ضاع رأس المال، ضاعت الأرباح، وإذا عرف الإنسان ذلك، حرص على أن يستغلها ويستفيد منها وألا يضيعها، ليكون بذلك رابحا الدين الذي في ذمة من هو قادر على الوفاء يزكى؛ لأنه بمنزلة الأمانة عنده، ويقدر صاحبه أن يأخذه ويتحصل عليه متى طلبه، وأما الدين الذي عند معسر أو مماطل ولو كان غنيا، فإن صاحبه لا يقدر على الحصول عليه، ولو طالبه قد يدعي الإعسار والفقر، فمثل هذا المال كالمعدوم، فلا زكاة عليه إلا إذا قبضه
شرح مختصر زاد المعاد
36883 مشاهدة
حكم تقديم اليدين قبل الركبتين في النزول إلى السجود

...............................................................................


سمعنا أو ذهب بعض العلماء إلى تقديم اليدين قبل الركبتين، واستدلوا بحديث مروي في السنن لفظه: إذا سجد أحدكم فلا يبرك كما يبرك البعير وليضع يديه قبل ركبتيه هكذا ورد هذا الحديث، ولكن هذا الحديث لا يصح بهذا اللفظ، وإنما صوابه وليضع ركبتيه قبل يديه ؛ وذلك لأن أول الحديث ذكر أنه لا يبرك كما يبرك البعير ومعلوم أن البعير يقدم يديه قبل رجليه، فنهاك أن تقدم يديك قبل رجليك، فتكون مشابهًا للبعير، وأيضًا البعير ينحط انحطاطًا ثقيلًا فالذي ينحط بيديه يكون انحطاطه ثقيلًا، وأيضًا نهى عن الاعتماد على اليدين، ومعلوم أن من قدم يديه فإنه يعتمد عليهما فيكون بذلك قد أمضى شيئًا من صلاته معتمدًا فيه على يديه سواء في حال القيام أو في حال الانحطاط. وأما قولهم إن ركبة البعير في يديه، فهذا غير صحيح، فالركبة إنما تكون في الرجل وأما التي في اليد فتسمى مرفقًا سواء في البعير أو في البقر أو في الحمر أو في غيرها، ولو كانت شبيهة بركبة الإنسان فإنها لا تسمى ركبة وإنما تسمى مرفقًا.
وبكل حال فلا يغتر بمن يرجح أنه يقدم يديه على رجليه في السجود، والأدلة صريحة في ذلك، وقد استدلوا أيضًا بحديث مروي من فعل ابن عمر وغلط بعضهم فرفعه، والصحيح أنه من فعل ابن عمر فعله لما كبر سنه لما زاد على الثمانين شق عليه أنه يعتمد على أعصابه، فكان يقدم يديه؛ لأجل أنه لا يستطيع التحمل على الأعصاب، فإذا كان الإنسان كبير السن لا تحمله أعصابه أن يعتمد عليها وينحط ويقدم ركبتيه، فله في هذه الحال أن يقدم يديه سواء في السجود أو في الرفع من السجود. في الرفع يعني في القيام، وإلا فالأصل أنه إذا قام رفع رأسه ثم رفع يديه ثم بعد ذلك رفع ركبتيه إلا إذا كان عاجزًا كبيرًا أو مريضًا، فله والحال هذا أن يعتمد على يديه في النهوض إذا كانت ركبتاه وأعصابه لا تحمله؛ فإن الدين يسر.